بحث في مواضيع المدونة..

الثلاثاء، 11 يونيو 2024


فيزياء عمل الشحنات المشكلة shaped charge


فيزياء عمل الشحنات المشكلة shaped charge معقدة جداً وحتى اليوم لم تفهم تماماً. فقد أظهر العمل المبكر على هذه الشحنات تأثرها بالتراكيب البديلة، بضمن ذلك تعديل زاوية المبطن أو تغيير سماكته، فهذه يمكن أن تؤدي لتحصيل كتلة نفاث أسرع وأطول. جهود البحث والتطوير لمضاعفة قابليات الاختراق أخضعت بشكل كبير لاختبارات النجاح والفشل. وتبقى المشكلة الأبرز التي يواجها هذا النوع من الشحنات، والتي تتعلق باستقرار وتوازن القذيفة بواسطة دورانها حول محورها، فهذا الدوران يسبب عملية طرد مركزي centrifugal force وتشتيت لكتلة النفاث، وبالتالي يزيد من قطره وبعثرته، مما يقلل معه من قوة وفاعلية تركيزه (أظهرت الاختبارات الميدانية أن رؤوس الشحنات المشكلة عند إخضاعها للدوران المتسارع تحدث ثقوب بقطر أكبر لكن مع قابلية اختراق أقل لنحو 50%). لهذا السبب يحرص مصممي المقذوفات والصواريخ المضادة للدروع على جعل عملية الموازنة أثناء الطيران تتم بواسطة زعانف خارجية صغيرة، تضمن أقصى استقرار ممكن للمقذوف أثناء طيرانه.

الشحنة المشكلة في تركيبها البسيط تتضمن جسم أسطواني من الفولاذ أو الألمنيوم أو غيره، مملوء بمادة شديدة الانفجار، ويكون الجزء الأمامي للأسطوانة على شكل هندسي متناسق، مثل تجويف مخروطي conical cavity أو نصف كروي hemispherical، أو بيضوي ellipse أو هرمي pyramid أو مخروط ثنائي الزوايا dual angle cone، أو أي شكل آخر مقوس مجهز ببطانة معدنية مثبته بإحكام خلال حيطان التجويف (عادة ما تكون هذه من النحاس أو أي معدن آخر). ويتم وضع صاعق تفجير في مؤخرة الاسطوانة، وعند تحفيز واشتعال المادة المتفجرة، فإن جميع الطاقة الكيميائية المخزنة في المادة المتفجرة تتحول إلى موجة كروية خارجية متكاثرة وضغوط مرتفعة جداً، تندفع على طول محور التناظر لتغمر بطانة التجويف (نموذجياً تتطلب موجة الانفجار نحو 6 مايكرو/ثانية فقط للوصول إلى قمة المبطن). وتقود هذه الموجة نحو تحطيم وسحق البطانة المعدنية الداخلية في التجويف وعصرها لتبدو كمائدة سائلة لزجة viscid fluid (رغم إنها فعلياً ليست كذلك) بتأثير ضغوط الغازات المتمددة، ولحد أقل بتأثير درجة حرارة المتفجر. 

ولتوضيح هذه الجزئية تحديداً نقول إن النفاث في حقيقته يكون في حالة صلبة كما أظهرت صور الأشعة السينية X-ray وليس سائلة كما كان يعتقد من قبل. كما أن ألوان التوهج الحراري التي عرضتها الاختبارات افترضت قيمة متوسطة لحرارة سطح النفاث عند 400-500 درجة مئوية (مع بعض البقع الساخنة الموضعية) في حين أن النحاس يذوب عند حرارة 1083 درجة مئوية، لذلك الثقب الناتج عن النفاث عالي السرعة في كتلة الدروع ليس له علاقة في الحقيقة بقضية الانصهار أو الذوبان. هذه النتيجة تم الوصول لها باستخدام تقنيات أجهزة قياس الإشعاع تحت الأحمر ثنائي الألوان two-color infrared radiometry.


أثناء هذه العملية وخلال أجزاء من المليون من الثانية، مادة المبطن تواجه حالة تشويه لدن عنيف جداً تعرف باسم "الانهيار" collapsing مع نسب إجهاد مرتفعة يمكن أن تبلغ 104 s−1 إلى 106 s−1. بعد مرحلة الانهيار بنحو 9 مايكرو/ثانية، تبلغ مادة البطانة نقطة الخضوع yield point، بحيث تبدأ مادتها تحت تأثير الإجهاد والضغط المتنامي بالتشوه لدائنياً لتشكيل النفاث والاندفاع نحو محورها المركزي. هذه العملية أو الظاهرة التي تدعى "التدفق الهايدروديناميكي" hydrodynamic flow (في الفيزياء، ديناميكا الموائع هو العلم الذي يهتم بالملكيات الميكانيكية للسوائل، مثل سرعة تدفقها ومدى لزوجتها وغير ذلك من المفاهيم المرتبطة) تؤدي لتشكيل وتكوين نفاث بصيغة محددة، يتقدمه رأس النفاث jet tip الذي يتحرك بسرعة عالية جداً على طول محور المواجه لقاعدة المخروط، حيث تكون أغلب المادة النفاثة ناشئة عن الطبقة الأعمق للمبطن، أو نحو 15-20% من سماكته. 

ويؤدي التدفق اللدن الناتج إلى حدوث توسع وتمدد شعاعي radial expansion في مادة الهدف حول محور النفاث، بحيث يثقب جسم الهدف ويعمل على توسعة الثغرة الناتجة (في الفيزياء، حركة التدفق اللدن تحدث في المواد تحت الضغط المفرط والشديد، حيث تتدفق المادة كهيئة لزجة جداً ولا ترجع إلى شكلها الأصلي بعد زوال الضغط). في النهاية، يتوقف النفاث وينقطع بعد أن يحدث تجويف عميق بهيئة مخددة أو محززة furrowed cavity. هذا الناتج في الواقع يمثل أغلب طاقة النفاث المحولة والمنقولة إلى كتلة الهدف، مع ملاحظة أن أي تزايد في حالة عدم الاستقرار للنفاث أو انجرافه ستؤدي بالنتيجة إلى اختراق خارج المحور، مما يعني قابلية اختراق محدودة.. وبسبب الاختلاف والتفاوت في سرعة انهيار البطانة على طول مادتها، وهذه ناشئة عن تلقي واستقبال بعض أجزاء طبقة البطانة ضغوط انفجار أكبر من الأجزاء الأخرى، فإن تشكيل النفاث الناتج سيكون له سرع متفاوتة على طول قطاعه. 



ونتيجة لوجود هذا التدرج الانحداري في السرعة، فإن النفاث سيتمدد ويستطيل stretch حتى يتمزق إلى عمود من الجزيئات. هذا التفتت لسيل النفاث أو التجزؤ هو من يتسبب في هدر وخسارة عمق الاختراق. فعندما يتجزأ سيل النفاث، فإن جزيئاته الفردية لن تصطف وتترتب بشكل مثالي وسوف تقوم عادة بالاصطدام في الحائط الجانبي للحفرة المشكلة مسبقاً، ولن تتصرف هذه بالنتيجة لزيادة عمق الاختراق penetration depth. هكذا، مجموع الطول الكلي للنفاث لن يساهم فعلياً في عملية الاختراق، وجزيئات النفاث الخلفية أبداً لا تصل إلى قاع الحفرة. لهذا السبب، فإن من المفيد عند تصميم الشحنات المشكلة مراعاة بقاء النفاث الناتج مستمراً ومتماسكاً طالما كان ذلك ممكناً وذلك بزيادة فاعلية مسافة المباعدة standoff distance (المسافة بين قاعدة بطانة الشحنة المشكلة وسطح الهدف المستهدف).

الاثنين، 10 يونيو 2024


منظومة القتل الصعب Trophy (ASPRO-A)


طور النظام "تروفي" Trophy التي تعني بالعبرية سترة الرياح wind coat أو محطم الرياح wind-breaker كما يطلق عليه من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية (التسمية الأحدث للنظام Meil Ruach) من قبل شركة أنظمة RAFAEL الدفاعية المتقدمة بالتعاون مع شركة أنظمة ELTA المحدودة التي تتبع صناعات الفضاء الإسرائيلية IAI، وذلك لتجهيز كلاً من دبابات المعركة الرئيسة والعربات المدرعة بنظام حديث للحماية النشطة، قادر على اعتراض/تدمير الصواريخ والمقذوفات المضادة للدبابات المهددة لأمن العربة في ساحة المعركة، دون تعريض حياة الجنود المرافقين لخطر الإصابة العرضية. استغرقت عمليات الدراسة على هذا النظام نحو 10-11 سنة من الأبحاث، ليعلن عن جاهزيته في أغسطس 2009 بعد سلسلة من الاختبارات أجراها الجيش الإسرائيلي.

نسخة Trophy القياسية Trophy-HV مصممة للعمل بشكل تلقائي تجاه كافة أنواع القذائف والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ATGM، بضمن ذلك الأسلحة المحمولة على الكتف مثل القنابل العاملة بالدفع الصاروخي RPG وكذلك المقذوفات شديدة الانفجار المضادة للدبابات HEAT الخاصة بمدافع الدبابات والتي تتجاوز سرعة انطلاقها ثلاثة أضعاف سرعة الصوت (لكن ليس مقذوفات الطاقة الحركية KE التي تمتلك غالباً سرعة فوهة مقاربة لخمسة أضعاف سرعة الصوت)، حيث يستطيع النظام مشاغلة أهدافه بشكل آني simultaneously engage والاشتباك مع عدة تهديدات تصل من اتجاهات مختلفة، علماً أن عملية تحييد الخطر تحدث فقط إذا أوشك التهديد أن يضرب منصة النظام.

هو فعال عند استخدامه من على منصات ثابتة أو متحركة، وفعال ضد كلتا التهديدات القصيرة وبعيدة المدى. شركة رافائيل نفذت نحو 2000 اختبار حي وفي ظروف واقعية لمقذوفات RPG أطلقت باتجاه دبابة Merkava مجهزة بالنظام وذلك في منطقة اختبار حيفا Haifa جنوب إسرائيل، بالإضافة إلى صواريخ موجهة مضادة للدروع، حيث ثبت نجاح النظام وقدرته على تمزيق المقذوفات والغاء فاعليتها بشكل مؤكد. وطبقاً لتصريحات مسؤولي رافائيل، فإن 90% من مقذوفات RPG جرى تدميرها دون تحفيز شحنتها المتفجرة. أما في حالة الصواريخ المضادة للدبابات، فقد انفجرت هذه من مسافات بعيدة وآمنة نسبياً عن العربة.

إن مفتاح النظام وسر قوته يكمن في تجهيزه برادار دوبلر نبضي يحمل التعيين الرسمي EL/M-2133. هذا الرادار ذو الأربع هوائيات والذي يطلق عليه أسم "حارس الرياح" Wind-Guard، هو من نوع AESA والأحرف اختصار فقرة "مصفوفة المسح الإلكتروني النشط". الرادار يعمل على توفير إنذار مبكر إلى طاقم العربة خلال وقت قصير جداً، ويشير إلى اتجاه التهديد بشكل دقيق ويحسب الزمن المحتمل لارتطام المقذوف القادم بالعربة time-to-impact، وبالتالي هو يعمل على تنشيط وحدة الإجراء المضاد في الوقت المناسب لحماية العربة من الهجوم. هو يمكن أن يكامل ويدمج مع أي نوع من أنظمة الإجراءات المضادة والقتل السهل المصممة خصيصاً لحماية العربات القتالية (يمكن أيضاً مواءمة النظام للعمل مع المجسات الكهروبصرية electro-optical sensors).

هذا الرادار مصمم لاكتشاف التهديد أولاً، ثم التقاطه وتعقبه آلياً، وبعد ذلك تصنيف ماهية هذا التهديد وتحديده خطورته من خلال تتبع مساره (متابعة جميع المؤشرات والإحداثيات، مثل زاوية السمت والارتفاع والسرعة ومدى المقذوف بشكل ثابت) وذلك ضمن قطاع كشف محدد يبلغ 90 درجة في زاوية السمت بالنسبة لكل هوائي من هوائياته مع تغطية واسعة للارتفاع. هوائيات الرادار الأربعة تشتمل على عدد كبير من الخلايا أو وحدات الحالة الصلبة الصغيرة التي ينجز كل منها وظيفة الإرسال والاستقبال في ذات الوقت transceiver. هذا يسمح بمواصلة تشغيل الرادار وجميع الأنظمة ذات العلاقة بالكامل حتى بعد فشل أو أخفاق بعض العناصر الفردية. 

بالإضافة لذلك، رادار EL/M-2133 عديم الحساسية أو التفاعل مع الأوساخ والغبار ويمكن أن يتجاوز عطل أحد الهوائيات. هو يضمن نسبة منخفضة جداً من الإنذارات الكاذبة low false-alarm بالإضافة إلى قابليته على رفض التداخلات الناتجة عن الانعكاسات الأرضية ground reflections (من الثابت علميا أن موجات الراديو أو في الحقيقة أي موجات كهرومغناطيسية أخرى، عندما تصادف تغير في الوسط الذي تنتقل خلاله، فإن بعض أو جميع الموجات سوف تتكاثر وتنتشر إلى الوسط الجديد، والبقية ستميل للانعكاس والارتداد). الرادار EL/M-2133 يستعمل أيضا كأداة للوعي الموقعي situational awareness، فكما هو يستطيع تحديد موقع مطلق المقذوف المعادي، فإنه يتيح لقائد الدبابة سرعة الرد وذلك عن طريق كبسة زر لتحويل البرج وتوجيه السلاح مباشرة إلى مصدر النيران العدائية. 

وحدة المشاغلة والاشتباك التي تضم الذخيرة الوقائية MEFP، تستطيع الاستدارة والحركة الأفقية ضمن قطاع 200-220 درجة، بحيث تزود النظام قابلية الاشتباك تقريباً مع أي اتجاه يشير إليه الحاسوب (زاوية ارتفاع الإطلاق elevation angle غير معروفة على وجه الدقة، لكن لقطات مصورة تظهر قدرة النظام للتعامل مع المقذوفات التي تتبع مسار قوسي لمهاجم سقف الهدف). الحاسوب يواصل تلقي البيانات البالستية ويخطط لأفضل حلول التصدي والاعتراض intercept solution. وحدة الإطلاق تحفز الذخيرة الوقائية التي بدورها تطلق شظاياها المشكلة انفجارياً نحو مقدمة الهدف لتحييده وتعطيله. فوراً بعد عملية الإطلاق، يتم بشكل تلقائي إعادة شحن وحدة الإطلاق بذخيرة وقائية جديدة خلال زمن مقدر بنحو 1.75 إلى 2 ثانية.

مصاعب تحصيل الدقة في مدافع الدبابات


القوة النارية fire power هي إحدى أهم مؤشرات الأداء لدبابات المعركة الرئيسة بالإضافة لعناصر قابلية الحركة وقابلية البقاء. قابلية الحركة mobility تعرف عموماً على أنها قدرة دبابات المعركة على الحركة والسير، عملياً خلال أنواع مختلفة من التضاريس الأرضية ولمديات طويلة مع القدرة على تغيير موقعها بسرعة في زمن استجابة قصير نسبياً. قابلية الحركة مرتبطة أيضاً بقدرات أخرى لدبابات المعركة، مثل عبور العقبات العمودية والقدرة على تجاوز العوائق المائية، الخ. أما بالنسبة لقابلية البقاء survivability، فإنها معرفه كقابلية الدبابة على تفادى أخطار ساحة المعركة ومقاومة هجمات العدو. قابلية البقاء مقيمة ومفعلة ضمن عدد من العناصر، مثل الصورة الظلية المخفضة، توفر نظام حماية نشط، الحماية البالستية، الحماية من أسلحة الدمار الشامل، الخ.

تأثير القوة النارية يتعلق مباشرة باحتمالات إصابة الهدف hit-probability من الرمية الأولى. هذه الاحتمالية متأثرة وربما منتقصة بتأثير عدد من القضايا المرتبطة بعمل السلاح ككل، مثل أخطاء نظام السيطرة على النيران FCS، التفاعل بين المقذوف وسبطانة المدفع والتغيرات البيئية المتقلبة environmental changes والتي لا يمكن التنبؤ بها. هذه الأخطاء يمكن أن تزال أو تخفض بالفهم الصحيح لمجريات عملية إطلاق النار ذاتها، وكذلك بتحسين قابليات أنظمة السيطرة على النيران والمجسات الدقيقة الداعمة لعملها. أيضاً في دبابات المعركة الحديثة، هناك توجه نحو تبني سبطانات مدافع أكثر طولاً longer barrels وذلك لزيادة مدى الاشتباك وإنجاز طاقة حركية أعلى قيمة أثناء اصطدام المقذوف بالهدف. 

استخدام سبطانات مدافع أكثر طولاً يؤدي إلى زيادة لاحقة ومستحقة في الاهتزازات المستعرضة لمقدمة هذه السبطانات، خصوصا أثناء حركة الدبابة. أنظمة السيطرة التقليدية على المدافع لا توفر معلومات الإزاحة والتغيير عند مقدمة/فوهة سبطانة السلاح، لذلك الإزاحة المستعرضة transverse displacement عند فوهة السبطانة لا يمكن أن تعوض بأنظمة الاستقرار وهذا بالتأكيد يؤثر عكسياً على الأداء العام للنظام ويخفض احتمالات إصابة الهدف بالضربة الأولى.

إن فهم المصاعب المرتبطة بتحصيل عناصر الدقة واحتمالات القتل في علم المدفعية عند المديات البعيدة، يتطلب بشكل رئيس نظرة فاحصة ومتأنية لأفرع علم المقذوفات، حيث تعرض هذه العلوم تأثيراً حاسماً يؤثر على سلوك المقذوف من لحظة إطلاق النار وحتى وصوله وارتطامه بالهدف. ولكي نبسط المسألة، هناك ثلاث أفرع رئيسة لعلم المقذوفات هي: علم المقذوفات الداخلي internal ballistics، علم المقذوفات الخارجي external ballistics، علم المقذوفات الطرفي أو النهائي terminal ballistics. علم المقذوفات الداخلي يتناول مظاهر عملية إطلاق النار وما يصاحبها من حركة المقذوف داخل سبطانة المدفع وحتى مغادرة الفوهة. علم المقذوفات الخارجي يتعامل مع سلوك المقذوف بعد مغادرة فوهة السلاح على طول محور طيرانه حتى يصل نقطته النهائية. الفرع الأخير أو علم المقذوفات الخارجي، فهذا يتناول عملية ضرب كتلة الهدف وعدد من الاحتمالات المرتبطة مثل الانحراف أو الاختراق أو ثقب تركيبه. 

وكقاعدة عامة، فإنه لإحداث مستوى عالي من قوة الاختراق والتأثير القاتل lethal effect، المقذوف مخترق الدروع يجب أن يدفع في مسار مسطح للمدى الأقصى وهذا بالطبع نتيجة سرعة الفوهة العالية. هذا الأمر يمكن إنجازه بتوفير الضغط القاعدي العالي high-pressure المستحدث من احتراق شحة الدافع المحترقة داخل حجرة مغلاق المدفع. وبينما يبلغ الضغط ذروته، المقذوف سيتحرك ويعجل على طول السبطانة باتجاه الفوهة. إن السرعة التي يترك بها المقذوف فوهة السلاح تدعى "سرعة الفوهة" muzzle velocity. وكلما زادت سرعة الفوهة التي يندفع فيها المقذوف، كلما عرض طيرانه مساراً أكثر تسطحاً لمسافة مقاسة ومحددة، حتى يعمل قانون الجاذبية law of gravity على التسبب في انحدار المقذوف وهبوطه نحو الأرض.

العديد من دراسات علم المقذوفات ballistics التي أنجزت من قبل الباحثين، أظهرت بوضوح أنه ليس جميع العوامل التي تؤثر على طيران المقذوف وبالتالي احتمالات إصابته للهدف، يمكن أن تقيم وتقدر بدقة قبل الإطلاق. فحتى مع توفر أفضل أنظمة السيطرة على النيران FCS وكذلك أطقم الرماية المدربين وأصحاب الخبرة، المقذوفات الأولى قد لا تصيب الهدف بالضرورة. لذا، هو من الضروري توفير التصحيحات الملائمة إلى بيانات إطلاق النار الأولى وذلك من أجل تحويل المقذوفات وتأكيدها على كتلة الهدف. في الحقيقة، مصاعب تحصيل الدقة لمدافع الدبابات guns accuracy والرغبة في تسجيل الإصابة من الرمية الأولى، كانت على الدوام الشغل الشاغل لمصممي أسلحة الدبابات ومستخدميها على حد سواء. ولنعد خطوة إلى الوراء ونفترض أنك كنت تخوض تجربة حقيقية لإطلاق النار من على دبابة معركة رئيسة وكنت في تلك اللحظة تتحرك على أرض وعرة rough terrain، لكنك ببساطة أخطأت الهدف، والسؤال هنا لماذا؟؟ 

يرى الباحثين أن هناك العديد من العوامل التي تحكم احتمالات إصابة مقذوف ما لهدف جرى التسديد عليه. هذه العوامل تتراوح ما بين انحناء سبطانة المدفع gun droop نتيجة مظاهر التسخين والتبريد غير المنتظم، معايرة بصريات التسديد sighting calibration وبالتالي التوجيه الخاطئ، اهتراء سبطانة المدفع gun wear وبالتالي حدوث إزاحة جانبية وتشويه لسطح السبطانة الداخلي، الذخيرة ammunition من حيث درجة حرارة شحنة الدافع، الأحوال الجوية meteorological conditions من حيث درجة الحرارة الخارجية والضغط والريح والمطر والرطوبة، حركة سبطانة المدفع وما ينتج عنها من تفرق أو تشتت للمقذوفات gun dispersion كما هو الحال مع مظهر القفزة. وبكلمات أخرى، احتمالات الإصابة من الرمية الأولى متأثرة كثيراً بشروط أو متغيرات المقذوفات المطلقة، التصنيع غير المثالي للمدفع، أخطاء نظام السيطرة على النيران، التفاعل ما بين المقذوف وسبطانة المدفع والأحوال البيئية/الجوية المتقلبة.

احتمالية القتل وتصنيف مفاهيم الضرر


بشكل عام، تقسم المقذوفات المضادة للدروع إلى صنفين، مقذوفات الطاقة الحركية KE ومقذوفات الطاقة الكيميائية CE. النوع الأول لا يحمل أي متفجرات وهو يعتمد على خارق عالي الكثافة penetrator وذو سرعة عالية نسبياً لهزيمة وثقب الدروع. بناء الخارق سوف ينهار سوية مع شظايا الدرع، مما يشكل رشاشاً أو رذاذاً على هيئة مخروط cone-shaped pattern على طول خط الطيران. هكذا، مكونات الهدف الداخلية قد تنفصل بعيداً وتصبح مقذوفات ثانوية ضمن مقصورة العربة. الصنف الآخر أو مقذوفات الطاقة الكيميائية CE مختلف بأنه في الغالب يحتوي رأس حربي بشحنة مشكلة shaped-charge warhead الذي ينتج نفاث عالي السرعة لدحر وثقب دروع الهدف. الرؤوس الحربية من هذا النوع تعمل على توظيف أو تركيز طاقة المادة المتفجرة وبالتالي إحداث ضغط حاد ومتطرف على سطح الهدف بقصد اختراقه.

النتائج والتأثيرات الثانوية secondary effects لمقذوفات الطاقة الحركية والطاقة الكيميائية التي ثقبت دروع الهدف ليست قاطعة أو محسومة تماماً (صعبة التوقع من حيث النتائج وحجم الضرر) كما هو الحال مع ميكانيكا هزيمة الدرع نفسه وعملية ثقبه. مع ذلك، عند تحقق الإصابة وارتطام الرأس الحربي بجسم الهدف (حيث اتجاه الهجوم يمكن أن يجيء تقريبا من أي زاوية سمت مع تشكيلة من زوايا الارتفاع) فهناك ثلاثة تعابير أو مصطلحات تستخدم للتدليل على مستوى الضرر والتلفيات الملحقة بالهدف، هي: قتل الحركة mobility-kill (أو اختصاراً M-kill)، قتل القوة النارية firepower-kill (أو اختصاراً F-kill)، القتل الهائل catastrophic-kill (أو اختصاراً K-kill).

المصطلح الأول أو قتل الحركة M-kill يشير لخسارة العربة قدرتها على التنقل والحركة وتعذر إصلاحها من قبل الطاقم في ساحة المعركة، كما هو الحال عند تحطم منظومة الجنازير نتيجة التعرض للغم أرضي مضاد للدروع أو متفجرات طريق مرتجلة، أو عند عطب المحرك نتيجة مقذوف صاروخي مباشر أو مقذوفات بالستية أو نحو ذلك. العربة في هذه الحالة تكون عديمة الفائدة عملياً، لكن يمكن لاحقا إنقاذها وإصلاحها وأعادتها للعمل. قتل الحركة يعني أن الهدف بات ثابتاً وغير قادر على الحركة وهو أيضاً عرضة للمزيد من الهجمات المعادية الأرضية منها والجوية، لكنه قادر في جميع الأحوال على استخدام كامل أسلحته، بحيث يستطيع جزئياً الاستمرار في القتال وتوجيه الضربات لمحيط منطقته.

مصطلح قتل القوة النارية F-kill يشير إلى الضرر الذي أوقع على العربة بحيث أفقدها قدرتها على إطلاق نيران سلاحها الرئيس. قتل القوة النارية يحدث إما لأن الطاقم أصبح عاجزاً عن تشغيل السلاح الرئيس أو لأن السلاح أو الأجهزة المرتبطة بعمله تعرضت للضرر، كما هو الحال تماماً عند تحطم أنظمة التسديد البصرية أو تضرر المجسات السقفيه المتصلة بعمل حاسوب السلاح البالستي. وفي حالتي قتل الحركة أو قتل القوة النارية، فإن الأضرار والتلفيات هنا يمكن أن تكون كاملة completely أو جزئية partially. وهذه الأخيرة تحديداً تشير إلى انخفاض قابلية الهدف على الحركة أو إطلاق النار، لكن ليس للحد الأقصى.

أما مصطلح القتل الهائل K-kill، فإنه يشير عادة لأضرار كارثية ودمار شامل complete destruction يذهب بكامل قدرة العربة على القتال (يمكن أن يتضمن أيضاً مظاهر قتل الحركة وقتل القوة النارية في آن واحد). حيث يتبع الأمر عادة إتلاف وتحطيم كامل للعربة وتجهيزاتها وتعطيل أنظمة أسلحتها وربما قتل طاقمها. مصطلح القتل الهائل يمكن أن يتضمن أضرار داخلية حادة وعنيفة بما فيه الكفاية لجعل عمليات الإصلاح غير ممكنة. حالات الضرر الحاد يمكن أن تشمل نتائج انفجار مخزون الذخيرة الداخلي أو اشتعال نيران الوقود. التقديرات العددية في تقييم أصناف الضرر هذه تتراوح ما بين صفر إلى واحد (أو بكلمات أخرى، غير مهم not significant إلى خسارة كلية total loss).

عند إصابة العربة وتأكد ثقب دروعها، فإن تصنيف الضرر أو ما يسمى بتأثيرات خلف الدرع behind-armor effects، يجري وفق عدد من النتائج المحتملة، مثل أن العربة قد دمرت وحطمت تماماً total destruction وأصبحت خارج الخدمة. أو أنها أعطبت جزئيا partial destruction وتعرضت لمستوى معين من الأضرار الداخلية التي خفضت قدراتها القتالية لحد ما. أو أنها لم تتأثر بالإصابة no effect ولم تتعرض مكوناتها الحيوية لضرر مباشر وهي لا تزال قادرة على القتال بكامل طاقتها (هذه النتيجة أقل احتمالاً عند ثقب دروع الهدف لكنها أيضاً يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار).. في الحقيقة معرفة نتائج ثقب دروع الهدف مرتبطة كثيراً بخصائص العربة المستهدفة وتوزيعها الداخلي.

ترتيبات نظام الإطفاء الآلي في دبابة Merkava الإسرائيلية


تقريباً جميع عربات القتال الإسرائيلية وضمن جميع التصنيفات، مجهزة بوسيلة حماية من نيران السوائل الهيدروكربونية hydrocarbon liquids (تشمل أنواع الوقود المشبعة بالطاقة، مثل الغازولين، الديزل، الوقود التوربيني). وسيلة الحماية هذه ترتكز في عملها على نظام إطفاء آلي للنيران AFES لكل من مقصورة الطاقم وحجرة المحرك. في المجمل، هذا النوع من الأنظمة طور من قبل شركة "سبكترونيكس" Spectronix لتلبية متطلبات الجيش الإسرائيلي نتيجة تجاربه وخبراته المتراكمة في حروبه مع جيرانه، وعلى الأخص حرب أكتوبر 1973. في تلك الحرب، العديد من الأطقم الإسرائيلية الذين أدارو دبابات M48 وM60، عانو من إصابات الحروق burn injuries عندما إشتعلت عرباتهم نتيجة ثقب دروعها بالصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وقذائف الأسلحة الكتفية. الدبابات الأمريكية التي أستخدمها الجانب الإسرائيلي، إعتمدت على أنظمة إدارة برج هيدروليكية hydraulic turret-traverse، التي عندما واجهت الإصابة وضرر المعركة، هي مالت إلى إصدار سحابة قابلة للاشتعال بشدة ضمن مقصورة الطاقم.

بالنتيجة وبعد إختبارات شاملة، إنتاج أنظمة الإطفاء الآلي للنيران شرع العام 1981 والجيش الإسرائيلي بدأ بتثبيتها على جميع إنتاجه الجديد من دبابات Merkava. في هذه الدبابات، النظام في مقصورة الطاقم قادر بشكل آلي وفوري على اكتشاف وإخماد جميع أنواع النيران، الصغيرة أو الكبيرة، سريعة الانتشار أو البطيئة، المحدودة في منطقة معينة أو المتزايدة والمتكاثرة سريعاً، بالإضافة إلى إنفجارات الوقود نتيجة عمل عدائي في المعركة أو خلال التدريب. هذا النظام مصمم لحماية الطاقم من التأثيرات الثانوية لإختراق المقذوفات، وهو معني بتخفيض حروق الجلد skin burns إلى المستويات دون الدرجة الأولى ومنع الحروق من الدرجة الثانية إلى الجلد المكشوف وتقليص الضرر المتعلق بالرئة والذي ينتج عن صدمة الضغط (تخفيض الضغط المتصاعد والناتج عن الإنفجار بحيث لا يتجاوز 101 كيلو باسكال أو واحد ضغط جوي).

النظام مجهز بمجموعة من المجسات/الكاشفات البصرية optical detectors ثنائية الطيف والعاملة في النطاق فوق البنفسجي وتحت الأحمر. إستعمال الكاشفات فوق البنفسجية، خصوصاً في النطاق الطيفي من 0.16 إلى 0.26 مايكرو، يسمح بالتمييز بين أكثر المحفزات الكاذبة والنار الهيدروكربونية hydrocarbon fire (النيران التي تنتج عن برك سوائل الوقود القابل للاشتعال، وتتصف بسرعة ارتفاع درجة حرارتها خلال بضعة دقائق من الإيقاد). وبمعنى آخر، الكاشفات سوف تتحسس نشوء النيران وبؤرها، دون أن تعطي إنذارات كاذبة false alarms بسبب المحفزات الأخرى النشطة، مثل المصابيح الكاشفة أو السجائر أو القداحات أو أعواد الثقاب.

وخلال 6 أجزاء من الألف من الثانية، تتم استجابة النظام من لحظة كشف النيران وحتى تشغيل صمام قناني إطفاء الحريق، وعملية القمع والإخماد يمكن أن تنجز خلال 100 جزء من الألف من الثانية. وحدة السيطرة control unit لها مؤشرات ضوئية لكل من القناني الأربع التي تضيئ متى أي من القناني كانت فارغة. المؤشرات الضوئية تحدد أيضاً وضع النظام في حال التشغيل أو الإطفاء وكذلك الأعطال القائمة. هناك مفتاح للإختيار بين الوضع الطبيعي normal-mode أو الوضع القتالي combat-mode من العملية. النظام يقوم بإنجاز فحص داخلي للتأكد من جاهزيته والمؤشرات الضوئية للعمل. الوضع الطبيعي للعملية يشير لوجوب كشف النار من قبل على الأقل كاشفين اثنين في مقصورة القتال. فإذا كان الوقت بين رصد الكاشفين أقل من 30 جزء من الألف من الثانية، النظام سيحفز آلياً قنينتي إطفاء. أما إذا كان الوقت أكثر من 30 جزء من الألف من الثانية، قنينة واحدة فقط سيتم تشغيلها. في الوضع القتالي، إشارة بدء النار من كاشف واحد أو أكثر ستتسبب في تنشيط قنينتي إطفاء بشكل آلي.

النظام يعيد ضبط نفسه آلياً لتكرار أوضاع العملية (الطبيعي/القتالي) خلال خمس ثواني. هذا النظام يمكن أيضاً أن يحفز ويشغل يدوياً بإستعمال المفاتيح القادرة على تأمين تيارها الكهربائي الخاص. قناني الإطفاء تحتوي على مادة Halon 1301 ويمكن إختيار الحجم المناسب لملائمة المكان المطلوب في العربة. أما بالنسبة لنظام الإطفاء في مقصورة المحرك، فهذا يعمل على رصد وكشف زيادة التسخين و/أو بدء النار بإستخدام كاشف حراري مستمر من نوع المقاوم الحراري "ثرمستور" thermistor الذي يتميز بدقته العالية وحساسيته الشديدة للتغير في درجات الحرارة. يراقب صندوق التحكم والسيطرة عمل الكواشف ويشير إلى ظروف التسخين المتصاعدة وغير العادية overheat-conditions، وبالتالي هو يعمل على إطلاق إشارة تحذير ومضية. وعندما تكون الإشارة قوية بما فيه الكفاية، يعمل صندوق التحكم والسيطرة بشكل تلقائي على تنشيط قناني Halon 1301.

دبابات Merkava من الفئة الثالثة والرابعة وبسبب زيادة ناتج خرج المحركات (1200 و1500 حصان على التالي)، لديها ثلاث خلايا/خزانات وقود fuel cells كبيرة مثبتة في مقدمة ومؤخرة الهيكل. وللدقة، أحد هذه الخزانات موجود في مقدمة الهيكل قرب المحرك، وإثنان في المؤخرة على جانبي مدخل الدخول/الخروج. خزانات الوقود الخلفية موصولة بسلتي تخزين stowage baskets (واحدة خلف كل خزان) مصنوعة من شبكة فولاذية مدرعة ومثقبة، مخصصة لحمل تجهيزات الطاقم الشخصية. هذه السلال من النوع قابل للطي وهي مجهزة بمفاصل تعليق سقفية من أجل تثبيتها على خزانات الوقود.

ترتيب خلايا الوقود هذا إستوجب إجراء إعادة تموضع لمجموعة بطاريات الدبابة ونظام الحماية من أسلحة الدمار الشامل NBC ونقلهما لأماكن أخرى. فجرى ترحيل البطاريات الكهربائية إلى صناديق التخزين في جانب هيكل الدبابة، ونظام الترشيح NBC تم نقله مع بطاريتين إلى مؤخرة البرج (في السابق، مجموعة البطاريات كانت توضع في المؤخرة اليسرى للهيكل، ونظام الحماية من أسلحة الدمار الشامل عند المؤخرة اليمنى لهيكل الدبابة). 

وكما هو الحال في الفئة الأولى والثانية Mk1/2، دبابات الفئة الثالثة والرابعة Mk3/4 مجهزة بصفيحة حماية مجوفة في منطقة أسفل البطن على هيئة V للحماية من الألغام الأرضية وتشتيت عصف الانفجار. رغم ذلك وعلى خلاف الترتيب السابق في الفئة الأولى والثانية، هذا الفراغ أو الفسحة بين صفيحة البطن والطبقة الوقائية الداخلية الثانية في الفئة الثالثة والرابعة لا يتضمن خلية وقود، بل فسحة هوائية تكاملية integral air-gap بدلاً من خلية الوقود السابقة. إعادة التصميم هذه نفذت بعد أن لوحظ (واحدة من خبرات ودروس القتال في قطاع غزة Gaza) أن الديزل في خزانه الخاص يعمل عند تعرض قاع الدبابة للغم أرضي على تحويل طاقة الإنفجار باتجاه مقصورة الركاب، أكثر بكثير مما لو كانت هذه متضمنة الهواء فقط. 

في الدبابات Merkava Mk3/4، ذخيرة السلاح الرئيس من عيار 120 ملم محفوظة بشكل منفرد في حاويات معزولة حرارياً ومضادة للحريق fire-proof containers، التي تخفض إحتمالات إنفجارها مع بدء إشتعال النار. هذه الحاويات مصنوعة من مركبات خاصة مقاومة للنيران، وهي قادرة على تحمل درجات حرارة حتى 1000 درجة مئوية لنحو 45 دقيقة، مما يسمح بوقت كافي نسبياً لإخلاء طاقم الدبابة المصاب.